إنّ مراقبة الأمراض هي أحد المجالات التي تُطبّق فيها على نحو متزايد الصحّة الرقميّة أو المعلومات التي تتعلّق بالصحّة التي يوفرها الفضاء الرقمي (e-santé)، لا سيما في البلدان ذات الدخل الضعيف. ففي بوركينا فاصو، وفّر تحرير قطاع المواصلات السلكيّة واللّاسلكيّة منذ 1996 فرصة لاستعمال تكنولوجيات الإعلام والاتصال في مجال الصحّة. وفي 2004 انتهجت وزارة الصحّة العموميّة سياسة الرقمنة سعت من خلالها إلى تغطية 95 من مؤسّساتها مع توفير خيارات في تقنية الإعلام والاتصال ابتداء من تلك السنة وصولا إلى سنة 2020.  في هذا المقال نلفت الانتباه بصفة خاصة إلى الابتكارات التي برزت في منظومة المراقبة المندمجة للمرض والردّ (SIMR) إزاء عجز الدولة عن إدماج تقنيات الإعلام والاتصال في منظومة الصحّة على أحسن وجه. ونركّز بصفة خاصة على الابتكارات في مراكز الصحّة والنهوض الاجتماعي.  قمنا بهذه الدراسة في مقاطعة داندي (Dandé) الصحّيّة في الجنوب الغربي لبوركينا فاصو. وقد جمعنا البيانات اعتمادا على مناهج كمّيّة أثناء محادثات شبه منظّمة أجريناها مع 11 ممرّضا وعشرة متصرّفين يديرون برنامجا موسّعا للتلقيح ومع شخصين يعملان في مركز الإعلام الصحّي ومراقبة الأمراض المعدية و15 موظّفا في مجال صحّة الجماعات المحلّيّة واعتمادا كذلك على ملاحظة الكيفيّة التي تُستعمل بها تكنولوجيات الإعلام والاتصال. أمّا فيما يتعلّق بالتحليل الكيفي للمحتوى ولمناقشة النتائج التي توصّلنا إليها فقد قمنا به باستعمال مفهوم استغلال ما هو متاح لنا "(bricole-bricolage)  فبظهور الهاتف اللّاسلكي عملت الحكومة على إنشاء بنية تحتيّة رقميّة وذلك بتجهيز تنسيقيّة السلامة والحماية الصحّيّة بشرائح تليفونية" موف أفركا (Moov Africa) مثل تلموب (Telmob) وبأسطول من الهواتف المحمولة دُفع مسبقا ثمنها خمسة آلاف فرنكا أفريقيّا (FCFA) كلّ شهر من أجل جمع البيانات المتعلّقة بالأمراض المعدية والإعلام عنها التي أطلق عليها تسمية : "رسالة برقيّة رسميّة أسبوعيّة" (TLOH). لقد بيّنت النتائج التي توصّلنا إليها أنّ استعمال هذا النظام المتمثّل في إرسال برقيات رسميّة أسبوعيّة يواجه صعوبات متعلّقة بتغطية"موف أفركا" التلفونيّة غير المستقرّة خاصة في المناطق الريفيّة. هناك صعوبات أخرى تتمثّل في أنّ النموذح الموحّد للهاتف المتوفّر لتنسيقيّة السلامة والحماية الصحّيّة (CSPS) لا يمتلك خاصيات تمكنّه من التكيّف مع التحدّيات التي تطرحها كثرة المكالمات الموجّهة إلى مركز الإعلام الصحّي ومراقبة الأمراض المعدية (CISSE). فأسطول الهواتف المحمولة جُعل فقط لإجراء المكالمات وعلى سبيل المثال فإنّه يستحيل على موظّفي الصحّة العموميّة بعث رسائل تيلفونيّة قصيرة (sms) أو استعمال الانترنات واستخدام الواتساب. ولتجاوز هذه العقبات، فإنّ الممرضين رؤساء المراكز الصحية يستعملون هواتفهم الشخصيّة لبعث رسائل قصيرة (sms) أو لمكالمة زملائهم في مركز الإعلام الصحّي ومراقبة الأمراض المعدية على هواتفهم الخاصة. فأرقام هذه الهواتف ليست مسجّلة في منظومة الهواتف المحمولة، وهكذا يضطرّ هؤلاء الممرضون على تحمل التكلفة المالية للمكالمات والإرساليات التيلفونيّة. ففي عصر الوئام الرقمي الذي يمقتضاه يتم تجميع كلّ المحتويات سواء تعلقت بصور أو نصوص أو غيرها لتُبثّ عبر الشبكات نفسها وعلى الأجهزة ذاتها، فإنّ استراتيجيات إعداد موظّفي الصحّة العموميّة للتكيّف مع هذا المحيط الجديد يستدعي تمكينهم من استعمال هواتف ذكيّة "سمارتفون" (smartphone) وأجهزة للبيانات الرقميّة الضخمة خاصة بهم. وهكذا أصبح الواتساب يخفّض من حدّة المشاكل التي تترتب عن طول انتظار المعلومة وعدم استقرار شبكة الهاتف. فالبياتات تُرسل كلّ يوم اثنين صباحا قبل الساعة العاشرة والممرّضون رؤساء المراكز الصحّية يفضّلون الاعتماد على وسائلهم الخاصة لإرسال البرقيّات الرسميّة الأسبوعيّة عبر الواتساب منذ الأحد مساء. إنّ النتائج التي توصّلنا إليها تبيّن كذلك أنّه علاوة على الإرساليات البرقيّة، فإنّ بطاقات متابعة المرضى ومثلها ورقات الفحوص صارت بواسطة الواتساب مجرّدة من صفتها الماديّة. تمكّن الكثير من جماعات الواتساب (تلوهدس" "داندي للمعلومات - مركز الإعلام الصحّي ومراقبة الأمراض المعدية (CISSE) على سبيل المثال) وحساب الواتساب الشخصي للمسؤول عن هذا المركز من بثّ البيانات في شكل صور مخطوطة وملفات اكسال (Excel) أو وورد (Word). وفي خاتمة المطاف، فإنّ النتائج التي توصّلنا إليها تبيّن إلى مدى تعتبر الدولة مقصّرة في إرساء سياسة صحيّة مرقمنة (e-santé) وجهودها في هذا المجال لا تكاد تُذكر ومن ثمّة فهي تلفت انتباه السلطات الصحّيّة إلى ضرورة إنشاء بنية تحتيّة رقميّة عموميّة ذات جدوى تأخذ بعين الاعتبار التحدّيات البيئيّة للمناطق الريفيّة. 

 كلمات مفاتيح 

 رقميّ- صحّة- الصحّة والأجهزة المحمولة – الإعلام الرقمي في مجال الصحّة- قطاع الصحّة في داندي- بوركينا فاصو